العلامة الوطنية  «١»

لـقـد سمعنا ولازلــنــا نسمع عن مصطلحات كثيرا ما تتردد على مسامعنا سواء في نشرات الأخبار أو المـقـالات والأبـحـاث السياسية مثل "النمور الأسيوية" (والتي تشمل دولا مثل كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة و.... غيرهم)، أو مصطلح كـ "محورالشر" (والذي أطـلـق على الاتحـــاد السوفيتي وحلفائه)،.... وهناك العديد من المصطلحات الأخـرى والتي يمكن أن تندرج جميعها تحت ما يعرف بـصـنـاعـة "الــعــلامــة الـوطـنـيـة" للدول. 
وربما برز استخدام مثل هذه المصطلحات تحديدا بعد الحرب الباردة، حيث اتجهت بعض الدول إلى استخدامها بصورة إيجابية لتعظيم وتفخيم صورتها الوطنية لدى باقي دول العالم، أو إلى الاستخدام السلبي لمصطلح "العلامة الوطنية" وذلك بالتحقير والتقليل من صورة البلدان الأخرى المعادية كنوع من أنواع الحرب النفسية والحشد الجماهيري.
 ولكي نقترب أكثر من موضوع حديثنا اليوم عن " صناعة العلامة الوطنية" للدول بشكل عام ولمصر بشكل خاص ربما وجـدت أنه من الجيد أن نبدأ بالتعرف بشكل مبسط على مفهوم فكرة "العلامة الوطنية"، فلكل دولـة صـورة ذهنية خاصة عند المتعاملين معها على المستوى الدولي سواء تعمدت ذلك أم لا، وتقترب هذه الصورة جدا في جوهره من فكرة العلامة التجارية للمنتجات والسلع، وعليه فسمعة الدول تشبه لحد كبير الصورة الذهنية التي تترسخ في العقول عن منتجات الماركات العالمية، وبناء عليه أيضا فتلك الصورة يمكن أن تخضع للتحسين من وقت للآخر و محاولات الانتشار.
 وبـهـذا يمكننا الـقـول في عالم السياسة بأن العلامة الوطنية لدولة ما إنما هي مجموع المجالات الإستراتيجية التي تشكل عناصر القوة لديها، والتي تسعى في الوقت نفسه لدعمها بشتى الطرق في تعاملاتها مع العالم.
 إذن فالهدف الأساسي من صناعة علامة وطنية لدولة ما هو خلق فكرة واضحة فريدة ومميزة، يمكن للناس أن تفهمها وتنجذب إليها باختلاف ثقافتهم، ولكي تصمم علامة وطنية مميزة فيجب أن تشمل الأنشطة المختلفة للدولة كالسياسية والثقافية والرياضية والاقتصادية والاجتماعية.
 وفى هذا السياق يجب أن نفرق هنا بين نقطتين هما : العلامة الوطنية، وصياغة العلامة الوطنية ؛ فالأول موجود سواء بذلت الدولة مجهودا واعيا فيه آم لم تقم بشىء، أما الثاني فلابد له من وضع خطة وإستراتيجية لها أهدافها المحددة لتطوير وتحسين العلامة الوطنية. ولعل ما يعنينا هنا هو صياغة العلامة الوطنية.
 ولحديثنا بقية عـن خلق وصناعة العلامة الوطنية... نستكمله في المقال القادم بإذن الله.